مدرس اون لايندخول

نص الصغيران رائع مستر المسورى

نص الصغيران   رائع مستر المسورى
التعريف بالمؤلف :
مصطفى صادق الرافعى من أسرة سورية الأصل ولد سنة 1880م لم يتم دراسته لمرضه لكنه تثقف فى مكتبة أبيه ، كان محياً للاعتكاف وكان متديناً وهو من الكتاب المحافظين ، له مؤلفات كثيرة منها : إعجاز القرآن وتحت راية القرآن وتاريخ آداب العرب وأوراق الورد توفى سنة 1937م.
جو النص:
رأى الكاتب فى أثناء عودته إلى منزله ليلاً طفلة فى الخامسة من عمرها ومعها أخوها فى الثالثة من عمره تائهين فأشفق عليهما وقدم لهما بعض الحلوى وأخذ يطمئنها حتى ظهرت أمهما ، والكاتب هنا يحكى لنا قصة هذين الصغيرين والنص مأخوذ من كتب "السحاب الأحمر " الذى يضم عدة مقالات للرافعى .
النص :
الشرح والتحليل البلاغى:
الفقرة الأولى: رؤية الطفلين وأثرها :
فى تلك الساعة كانت الأرض قد عريت إلا من أواخر الناس وطوارق الليل وبقية من يقظة النهار تحبو فى الطريق ذاهبة إلى مضاجعها ، بينما أمد عينى وأديرهما فى مفتتح الطريق ومنقطعه إذا انتفضت انتفاضة الذعر ووثبت رجة القلب بجسمى كله كما تثب اللسعة بملسوعها ذلك حين أبصرت الطفلين.
اللغويات:
الكلمة معناها الكلمة معناها
عربت خلت أواخر الناس الناس المتأخرين فى العودة مضاجعها    جمع مضجع وهو مكان النوم
تحبو تزحف يقظة نشاط وحركة
بينا بينما أمد عينى أنظر أمامى
أديرهما أحركهما مفتتح أول وبداية
منقطع نهاية انتفضت اضطربت
الذعر الخوف والفزع وثبت قفزت
رجة هزة اللسعة لدغة العقرب
الملسوع          اسم مفعول من لسع
الشرح: يتحدث الكاتب عن رؤيته الطفلين التائهين فى وقت متأخر من الليل مما أفزعه فى هذا الوقت من الليل حيث خلت الشوارع إلا من العائدين المتأخرين وحيوانات الليل وبقية تكاد تنتهى من نشاط النهار فى هذا الوقت نظرت فإذا بارتعاشه تأخذنى واهتز قلبى وقفز كما يقفز الملسوع من لسعة العقرب وذلك لأننى أبصرت طفلين تائهين فى هذا الليل .
الصور:
• (الأرض قد عربت إلا من أواخر الناس): استعارة مكنية : تخيل الأرض الخالية إنساناً عارياً والناس رداء له وفيها تشخيص وإيحاء بهدوء الليل .
• (بقية من يقظة النهار تحبو ): استعارة مكنية : تصور بقية النهار أشخاصاً تحبو وفيها إيحاء بالبطء والتثاقل والتعب ونفاذ النشاط.
• (أمد عينى): كناية عن التطلع والتأمل .
• (وثبت رجة القلب بجسمى كله كما تثب اللسعة بملسوعها ): تشبيه حيث شبه جسمه الذى هزته رعشة قلبه بالملسوع الذى هزته اللسعة وفيه إيحاء بمدى  الألم المفاجئ الذى أحس به الكاتب عند رؤيته الصغيرين.


البديع :
• (أواخر الناس : طوارق الليل): ازدواج له إيقاع موسيقى مؤثر .
• (الليل – النهار)  طباق .
• (مفتتح – منقطع): طباق للشمول .
الأسلوب : خبرى : للوصف وإظهار الإشفاق والعطف والتأثر .

الفقرة الثانية : حالة الطفلين من الخوف والضياع:
صغيران ضلا عن أهلهما فى هذا الليل يمشيان على حيد الطريق فى ذلة وانكسار وتحسب أقدامهما من البطء والتخاذل لا تمشى بل تتزحزح قليلاً قليلاً فكـأنهما واقفان ، أكبرهما طفلة تعد عمرها على خمس أصابعها والآخر طفل يبلغ ثلاث سنوات ينحدران فى أمواج الليل ، وقد نزل بهما من الهم فى البحث عن بيتهما ما ينزل مثله بمن تطوح به الأقدار إذا ركب البحر المظلم ليكشف عن أرض جديدة .
تتبين الخوف فى عيونهما الصغيرة وتراه يفيض منهما على ما حولهما حتى ليحسب كلاهما أن المنازل عن يمينه وشماله أطفال مذعورة.
ويتلفتان كما تتلفت الشاة الضالة عن قطيعها ، لا يتحرك فى دمها بالغريزة إلا خوف الذئب.
ويتسحبان معا وراء الأشعة المنبثقة فى الطرق ، كأن أضواء المصابيح هى طريق قلبيهما الصغيرين.
منقطعان فى ظلام الليل ، وليس على الأرض أهنأ من ليل الطفل النائم فهل يكون فيها أشقى من ليل الطفل الشائع ؟ نامت أحلامهما واستيقظت أعينهما للحقائق المظلمة الفظيعة وضاعا من البيت ويحسبان أن البيت هو الضائع من هما . طفلان فى وزن مثقالين من الإنسانية ولكنهما يحملان وزن قناطير من الرعب .
اللغويات:
ضل ضاع وابتعد & حيد الطريق جانب الطريق
ذلة: مهانة & انكسار: ضعف وتراجع
التخاذل: الضعف & تتزحزح: تتحرك ببطء
ينحدران ينزلان والمراد يمشيان & الهم: الحزن ، ج:هموم
تطوح : تلقى & تتبين ترى
يفيض: يزيد ويسيل & مذعورة : خائفة
يتلفتان: ينظران حولهما & الشاة: الواحدة من الغنم
القطيع: الجماعة من الغنم & الغريزة: الطبيعة والفطرة
يتسحبان: يسيران فى حذر المنبثقة: النابعة
منقطعان: منفردان تائهان أهنأ : أسعد
أشقى : أتعس الفظيعة: المخيفة
مثقالين: المثقال هو نوع من الوزن الرعب : الفزع والخوف
الشرح:
يتحدث عن حالة الطفلين التائهين  فقد غلب عليهما الخوف والفزع والشعور بالضياع والشقاء ، لقد تاه الطفلان الصغيران فأخذا يمشيان على جانب الطريق فى ذلك وضعف وبطء فالطفلة عمرها خمس سنوات والطفل عمره ثلاث سنوات أحاط مبهما الليل وهما فى حزن لأنهما ضلا الطريق كريان سفينة ضل طريقه فى بحر مظلم يبدو الخوف فى أعينهما وينعكس على ما حولهما فيحسبان المنازل أطفالاً خائفة ، ويتلفتان كالشاة الضالة الخائفة من الذئب ويتجهان وراء أشعة المصابيح لعلهما يهتديان بها ، فإن لم يكن هناك أسعد من ليل الطفل النائم فليس هناك أشقى من ليل الطفل الضائع .فقد نامت عنهم أحلامهم السعيدة ، واستيقظت أعينهما ، وسيطر عليهما الفزع ، فظنا – لضياعهما – أن البيت هو الذى ضاع منهما ، فهما بالرغم من ضالة حجميهما إلا أنهما يحملان وزن قناطير من الرعب والفزع .
الصور :((تحسب أقدامهما لا تمشى )) : كناية عن الحيرة والتردد.
(( فكأنهما واقفان )) : تشبيه "كناية" عن شدة البطء .
((طفلة تعد عمرها علي خمسة أصابعها )) :كناية عن صغرها 0
(( أمواج الليل )) : تشبيه بليغ شبه الليل بالأمواج وفية إيحاء بتتابع الظلام والرهبة 0
* نزل بهما من الهم في البحث عن بيتهما ما ينزل مثله بمن تطوح به الأقدار إذا ركب البحر المظلم ليكشف عن أرض جديدة : "تشبيه تمثلي" يصور حال الصغيرين وما أصابهما من هموم البحث عن بيتهما بحال ربان سفينة رمته أقداره بعيداً عن مرساه 0
(( تتبين الخوف في عيونهما )) : استعارة مكنية تخيل الخوف شيئا ماديا يري وفيها تجسيم وإيحاء بكثرة الخوف .
(( يفيض منهما )) : استعارة مكنية تصور الخوف ماء يفيض وفيها تجسيم وايحاء بانتشار الخوف .
(( المنازل .. أطفال مذعورة )) : "تشبيه" شبه المنازل بالأطفال المذعورة وفيها تشخيص .
(( يتلفتان كما تتلفت الشاة الضالة )) : تشبيه شبه الطفلين في الحركة المذعورة بالشاة الخائفة من الذئب.
((الأشعة المنبثقة)) : "استعارة مكنية" تخيل الأشعة مياهاً منبثقة ، وهى تدل على الاندفاع .
((كأن أضواء المصابيح هى طريق )) : "تشبيه" لأضواء المصابيح بالطريق وفية إيحاء بشدة الخوف والتعلق بالآمال الواهية0
(( نامت أحلامها )): استعارة مكنية تصور الأحلام أشخاصاً تنام وفيها تشخيص وإيحاد ء بالضياع 0
(( الحقائق المظلمة )) : استعارة مكنية تخيل الحقائق ليلاً مظلماً وفيها إيحاء بالوحشة .
(( البيت هو الضائع )): استعارة مكنية تخليل البيت إنساناً ضائعا وفيها تشخيص 0
(( وزن مثقالين من الإنسانية)) :"استعارة مكنية" تخيل الإنسانية شيئاً مادياً يوزن وفيها تجسيم .
((وزن قناطير من الرعب )) : "استعارة مكنية"  تخيل الرعب شيئاً مادياً يوزن ، وفيها تجسيم
البديع: (يمشيان – لا تمشى): ، (طفلة – طفل) ، (واقفان – ينحدران) ، (يمينه – شماله) ، (أهنأ – أشقى) ، (مثقالين – قناطير) : طباق .
- (ليس على الأرض أهنأ من ليل الطفل النائم فهل يكون فيها أشقى من ليل الطفل الضائع)  : مقابلة وازدواج.
الأسلوب: خبرى : للوصف وإظهار الإشفاق والعطف والتأثر .
إنشائى : "فهل يكون فيها أشقى من ليل الطفل الضائع ؟" : استفهام غرضه النفى .

الفقرة الثالثة : مشهد الطفلين المؤثر:
يا من لا إله إلا هو .. من سواك لهاتين النملتين فى جنح هذا الليل الذى يشبه نقطة من غضبك ؟  لقد أخرجتهما فى هذا الضياع مخرج أصغر موعظة للعين تنبه أكبر حقيقة فى القلب ، وعرضت منهما للإنسانية صورة لو وفق مخلوق عبقرى فرسمها لجذب إليها كل أحزان النفس صورة الحب يمشى متسانداً إلى صدر الرحمة فى طريق الرحمة فى طريق المصادفة المجهولة من أوله إلى آخره ، وعليهما ذل اليتيم من الأهل ، ومسكنة الضياع بين الناس وظلام الطبيعة وكآبتها .
رأيت الطفلة وقد تنبهت فيها لأخيها الصغير غريزة أم كاملة ، فهى تشد على يده بيديها معاً ، كأنها مذ علمت أنها ضائعة تحاول أن تطمئن أخاها إلى أنه معها ، ولن يضيع وهو معها – فيا لرحمة الله.
وقد أسندت منكبه إلى صدرها وهى تمشى فلا أدرى إن كان ذلك لتحمل عنه بعض تعبه فلا يتساقط أو ليكون بها أكبر من جسمه الضئيل فلا يخاف ، أو لأنها حين لم تستطع أن تفهمه ما فى قلبها بلغة اللسان أفاضته على جسمه بلغة اللمس ، أو لا هذا ولا ذاك ، إنما هى تستمد من رجولته الصغيرة حماية لأنوثتها بوحى الطبيعة التى رسخت فيها .
اللغويات:
سواك: غيرك النملتيين : يقصد الطفلين
جنح الليل: قدر من الليل الضياع : الهلاك
موعظة: عبرة & تنبه: توقظ
أكبر حقيقة فى القلب :  المراد الرحمة والعطف & عرضت : أظهرت
عبقرى: ذكى & جذب :  شد
الحب: يقصد الطفل& متسانداً: مستنداً أو معتمداً
الرحمة: يقصد الطفلة & اليتم `: الانفراد
مسكنة :ذل & كآبتها: حزنها
مذ: منذ & يا لرحمة الله : أسلوب دعاء للتعجب
منكبها : الكتف وجمعها مناكب & أدرى :  أعرف
يتساقط : يقع & الضئيل: الصغير
لغة اللسان: الكلام & أفاضته :  نشرته
رسخت: قويت واستقرت

الشرح: يا الله ، لا يوجد أحد غيرك يستطيع إنقاذ هذين الطفلين ، التائهين فى ليل شديد كأنه نقطة من غضبك ، فلقد أخرجتها ليكونا عبرة لنا لتوقظ الرحمة فى قلوبنا ، وجعلت منظرها يجذب كل أحزان النفوس ، إنه منظر الطفل وهو يستند  إلى صدر أخته ويسيران فى طريق المجهول ، وعليهما على يده لتظمئنه أنه لن يضيع وهو معها ، وقد أسندت كتفه إلى صدرها لتحمل بعض تعبه ، أو ليشعر معها انه كبير ولن يخاف ، إن تفهمه بلغة اللمس ما عجزت عن تعبر التعبير عنها ، أو لتستمد من رجولته حماية لأنوثتها بوحى الطبيعة والفطرة .
الصور " النملتين " استعارة تصريحيه فقد شبه الطفلين بالنملتين ، وحذف المشبه وصرح بالمشبه به ، وفيه إيجاز بالصغر والضعف "الليل يشبه نقطة من غضبه ": تشبيه بالليل بغضب الله وفيه ايحاء برهبته وشدته . "أخرجتهما مخرج اصغر موعظته للعين" : تشبيه لخروج الطفلين بومظعة صغيره .
" أكبر حقيقة فى القلب " : كناية عن الرحمة
" تنبيه أكبر حقيقة " : استعارة مكنية تخيل الحقيقة إنساناً يتنبه وفيه تشخيص .
" الحب يمشى " : استعاره مكنية فيها تشخيص للحب
" صدر الرحمة " : استعارة مكنية وفيه تشخيص للرحمة
" الحب – الرحمة " : استعارتان تصريحيتان شبه الطفل بالحب والطفلة بالرحمة ، وحذف المشبه وصرح بالمشبه به .
" عليهما ذل اليتيم ومسكنة الضائع " : استعارة مكنية تخيل اليتيم والضياع غطاء وفيه تجسيم .
" تنبهت فيها غريزة أم كاملة " استعارة مكنية تصور الغريزة إنساناً يتنبه ويستيقظ وفيه تشخيص .
" تشد على يديه بيديها معه " : كناية عن العطف والمساعدة .
" تحمل عنه بعض تعبه " : استعارة مكنية تخيل التعب شيئاً مادياً يحمل ، وفيها تجسيم .
" لغة اللمس " : تشبيه شبه اللمس باللغة .
البديع:
" أصغر موعظة للعين – أكبر حقيقة فى القلب " : مقابلة وازدواج .
" أولاً –أخراً " : طباق
" ذل اليتيم من الأهل – مسكنة الضياع بين الناس ": ازدواج
" ضائعه – لم يضيع " : طباق سلبى – " اكبر – الضئيل " – " رجولة –أنوثة" طباق .
الأسلوب :
خبرى : للوصف وإظهار الإشفاق والعطف والتأثر
إنشاء : يأمن لا اله إلا هو " : نداء للدعاء والتضرع
" من سؤالك ؟ : استفهام غرضه النفى – " يا لرحمة الله " نداء للتعجب والشفاق .
الفقرة الرابع :  الطفلان يبحثان عن أبويهما
ولما وقف بازائنا : كان هذا الصغير يقلب من وجه الناس نظرات يتيمة ، ترتد على قلبه آلام لا رحمة فيها ، إذ يشهد وجه كثيراً ليس لها ذلك الشكل إنسانى المحبوب الذى لا يعرفه الطفل من كل خلق الله إلا فى أثنين : أمه وأبيه ولما رأيت الطفلين ضممتهما إلى ، وألهيتهما عن كآبة القلب بسرور البطن ، فدفنت كل آلامها فى بعض قطع الحلوى فطعم الحياة جديدة آمنة.
اللغويات:
بازائنا :  أمامنا & يقلب : يحرك وينقل
يتيمة: اليتيم من فقد أباه & ترتد : ترجع
إذ : ظرف زمان & يشهد: يرى
ألهيتهما : شغلتهما & كآبة: حزن
الحلواء: الحلوى ،ج: حلاوى& طعما: أكلا
الشرح: وعندما وقف الطفلان أخز الطفل ينظر نظرات حزينة مؤلمة في وجوه الناس باحثاً عن أبيه وأمه' فضممت الطفلين إلي وشغلتهما عن أحزانهما بتقديم قطع من الحلوى لهما ، فنسيا أحزانهما وتذوقا طعماً جديداً لحياة آمنة.
الصور: (نظرات يتيمة): "استعارة مكنية" تخيل النظرات يتامى وفيها تشخيص وإيحاء بالذل والانكسار .
(نظرات ترتد آلاماً): تشبيه "للنظرات بالآلام"
(دفنت كل آلامها ): "استعارة مكنية" تخيل الآلام أمواتا تدفن وفيها تشخيص
(تطعما الحياة): استعارة مكنية "تخيل الحياة طعاما لذيذاً يؤكل وفيها تجسيم.
البديع: (كآبة – سرور): طباق & (كآبة القلب – سرور البطن): ازدواج
الأسلوب: خبرى : للوصف وإظهار الإشفاق والعطف والتأثر.
الفقرة الخامسة ، لقاء الأم بطفليها :
وبينما نحن على ذلك ، إذ ارتفع سواد مقبل كأنه روح ليلة مظلمة تغشى الطريق ، فتبينت ، فإذا امرأة تهفو كذات الجناحين وكأنها تنساق بقوة تحترق فى داخلها ثم أخذتنا عيناها فإذا هى أم الطفلين تبدو من لهفتها واستطارتها لولديها كأنما تحاول أن تختطفهما من بعيد بقوة قلبها وما عرفت أنها هى إلا بأن روحها كانت منتشرة على وجهها ملموسة فى نظراتها إلى الصغيرين وكانت لها هيئة أم وضعت الجنة تحت قدميها .
وهل الطفلان لما أبصرا أمهما ، ونفضا أيديهما نفض الأجنحة ، ثم أكبت هى عليهما بجسمها ومدامعها وقبلاتها والتحما بها التحام الجزء بكله ، واشتبكت الأذرع فى الأذرع حتى لا تفرق بين ثلاثتهم فى معانى الحب إلا بالكبر والصغر ورجعت معهما طفلة كأن تاريخها ابتدأ جديداً فى ساعة من الساعات الفاصلة التى يتحول عندها التاريخ.
اللغويات:
إذ: حرف للمفاجأة & ارتفع: ظهر
سواد: المراد شخص & تغشى: تغطى
تبينت: تأملت & تهفو: تسرع
ذات: صاحبة & ذات الجناحين: الطير
تنساق: تندفع & أخذتنا: رأتنا
تبدو: تظهر & لهفتها: حسرتها وحرقتها
استطارتها: فزعها واضطرابها    & ملموسة: المراد واضحة
هيئة : شكل & هل: صاح
نفضا: حركا & أكبت: أقبلت
مدامع: مفرده "مدمع" وهو مكان سيل الدمع & التحما: التصقا
ثلاثتهم: الثلاثة & الفاصلة: الحاسمة
يتحول : يتغير
الشرح:
وفى تلك الأثناء أقبلت الأم مسرعة وسط الظلام وكأنها طائر يتحرك بجناحيه وتندفع بقوة داخلية نحونا ونظرت إلينا بلهفة وحزن وكأنها تحاول خطف الطفلين بقوة قلبها وعرفت أنها أمهما ، وتحركا فأقبلت عليهما تقبلهما بدموعها والتصقا بها كما يلتصق الجزء بالكل ، وتشابكت أذرعهم وغمرهم الحب لا فرق بينهم إلا بالكبر والصغر ورجعت معهما كأنها طفلة ولدت من جديد فى تلك الساعة الحاسمة التى رد الله فيها إليها طفليها .
الصور: (سواد كأنه روح ليلة مظلمة ): تشبيه . للسواد وهو الشخص بروح الليلة المظلمة .
(ذات جناحين): كناية عن الطائر .
(امرأة . . كذات الجناحين): تشبيه للمرأة بالطائر .
(تنساق بقوة تحترق فى داخلها ): كناية عن السرعة والحماسة واللهفة.
(تحاول أن تخطفهما من بعيد): كناية عن شدة شوقها لهما .
(روحها كانت منتشرة): كناية عن شدة لهفتها عليهما أو هى استعارة مكنية تجسم الروح .
(نفضا أيديهما نفض الأجنحة): تشبيه لنفض الأيدى بنفض الأجنحة وفيه إيحاء بشدة الفرح .
(التحما التحام الجزء بكله) تشبيه التحامهم بالتحام الجزء بالكل وفيها إيحاء بقوة الرابطة والعلاقة بين الأم وولديها.
(ورجعت معهما طفلة): تشبيه شبه الأم بالطفلة وفيه إيحاء بسيطرة الفرح عليها .
ويلاحظ أن الكاتب قد رسم صورة لبطلى الحادثة بريشة رسام ماهر ، جسم فيها الخطر المحدق بهما والخوف الذى يعتريها ، كما رسم صورة ممتدة رائعة للقاء الأم بالصغيرين جسم فيها فرحة اللقاء.
البديع: (الكبر – الصغر): طباق
الأسلوب: خبرى غرضه إظهار الإعجاب والفرح.
يمكن حصر أدب الرافعى فى اتجاهات ثلاثة هى :
(1) الدين والدفاع عن القرآن ورسالة الإسلام العقدية والاجتماعية.
(2) اللغة العربية والدفاع عنها وعن الأدب العربى ضد موجات التغريب التى اشتدت هجماتها فى عصره إذ كثر المتأثرون بالثقافة الغربية والمتحاملون على اللغة العربية وآدابها القديمة والداعون إلى التعبير بالعامية .
(3) تجاربه الذاتية ،(4) وتأملاته العاطفية والوجدانية.
وهذا النص يمثل الاتجاه الأخير ، وقد حلق الكاتب إلى مرتبة عالية ، فهو وإن كانت فكرته سهلة إلا أنها تحمل الكثير من المعانى الإنسانية الرائعة ، وتصور عواطف الطفلين الضائعين ، وآثار الخوف عليهما ، ثم غريزة الأم وما تحس به من أحزان لفقد طفليها .
• النص يمثل مدرسة أو اتجاه المحافظين فى النثر ، الذين يعد الرافعى واحداً منهم ، ويتسم هذا الاتجاه بما يلى :-
(1) المحافظة على سلامة الأداء وقوته.
(2) إحياء التراث والتأثر بأساليب القدماء .
(3) تمجيد الماضى والتغنى به.
(4) الوقوف ضد الأمراض الاجتماعية الوافدة إلينا من الغرب والمنافية لتقاليدنا ولديننا
*النص مقال اجتماعى طويل .. كتب بأسلوب أدبى.
هذا النص مقال :
1- من ناحية الشكل:  النص جزء من مقال طويل لأنه زاد على الصفحتين.
2- من ناحية المضمون : النص مقال اجتماعى لأنه يتناول علاقة الأم بطفليها ويعالج قضية ضياع الأطفال فى ظلام الليل وتظهر فيه ملامح تلك القضية.
3- من ناحية الأسلوب: النص كتب بأسلوب أدبى وقد ظهرت فيه سمات الأسلوب الأدبى من: - اختيار الألفاظ والعبارات. - التصوير الحى.
- - الإيقاع الموسيقى المؤثر . - مزج الفكرة بالإحساس .
*من النص وتحليله تتبين لنا خصائص كتابات الرافعى :
(1) أفكاره يسيرة قريبة التناول .
(2) الميل إلى الإطناب فيأتى بالمعنى الواحد فى أكثر من صورة مثال: انتفضت انتفاضة الذعر – وثبت رجة القلب بجسمى كله كما تثب اللسعة بملسوعها .
(3) ظهور النزعة الدينية : "يا من لا إله إلا هو" توحيد .
(5) وإيحاء بعظمة الله . (6) ونداء للدعاء والتضرع .
• (الليل نقطة من غضبك): يدل على إيمانه بشدة غضب الله وخوفه منه.
• (من سواك لهاتين النملتين): استفهام للنفى يقتضى قدرة الله وحده .
• (أخرجتهما مخرج أصغر موعظة للعين): تعبير يدل على تأمله وتفكره فى المواقف لاستخلاص العظة منها ، واستخلاص حكمة الله .
• (يا لرحمة الله): نداء تعجبى ، فهو يتعجب من عظمة رحمة الله.
• (وضعت الجنة تحت قدميها):  متأثر بقوله عليه السلام "الجنة تحت أقدام الأمهات .
(7) الاعتماد على التصوير وله تشبيهات مبتكرة مثل : "كأن أضواء المصابيح هى طريق قلبيهما الصغيرين " – "البيت هو الضائع"
(8) استخدام اللفظة فى مكانها الملائم (9)  فتشحن بالإيحاءات والدلالات مثل : "رسخت" ،(10) تنبهت ،(11) " استضحكا"
(12(   ظهور شخصيته فى كتاباته وهذا ما يعرف بالذاتية.
(13) لغته عربية فصحى سليمة ودقيقة .
(14)   يظهر فى أسلوبه بعض الغموض فى اختيار اللفظ وبعض المجازات مثل : "ارتفع سواد كأنه روح ليلة مظلمة "
(15) أسلوب خاص به
(16) ليس مرسلاً ولا مسجوعاً متكلفاً.
(17) يعتمد على الموسيقى النابعة من تقطيع الجمل تقطيعاً متوازياً  مثل: "أواخر الناس – طوارق الليل "   ، "ذل اليتم من الأهل – ومسكنه الضياع بين الناس ".
remove_circleمواضيع مماثلة
لا يوجد حالياً أي تعليق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى