بلغوا أبناءكم وبناتكم خريجي الثانوية العامة أن المستقبل أكبر من أن يرسمه مجموع أو تحدده كلية أو جامعة..
المستقبل غيب...
المستقبل رزق....
والرزق قد تسعى إليه ويمنعه الله عنك لا لأنك لا تستحقه، ولكن لأن فيه هلاكك...
كم من طبيب قتله المرض؟!
وكم من ضابط قتله الغرور؟!
وكم من حالم ببعثة كان فيها ضياع دينه ودنياه؟!
مستقبلك حيث يختار الله لك وإن كان على غير إرادتك!!
المستقبل بيد من أتى بك من الماضي وأحياك الحاضر...وقد تلطف بك في ماضيك وحاضرك... أفيضيعك في مستقبلك؟!
حاشاه سبحانه..
سلموا لله أموركم... أنتم وأنتن...
ولا تختزلوا مستقبلكم في درجات أو مسارات أو جامعات... فالقمم نصنعها نحن ولا تصنعنا هي..
أما أنتم يا معاشر الآباء والأمهات فلا تكونوا عونا لأولاكم على اليأس والبؤس والإحباط..
علموا أولادكم أنهم أغلى من المجموع... وأن شرف البذل وعرقه يريح الضمير حتى وإن لم نصل، وأن القمة ليست في الكلية وإنما في الطالب الذي يصنع قمته، وأن الله لا يضيع عمل عامل، لكنه يختار له سبحانه، واختيار عالم الغيب والشهادة سبحانه أفضل ألف ألف مرة من اختيار من لا يستطيع أن يرى ما وراء جدار غرفته.
علموهم أن الثانوية ليست نهاية المطاف، وأن التميز جولات، والتفوق حلقات لا تعدو الثانوية أن تكون إحداها.
علموهم أن مقاييس الناس دائمة الخطأ، وأن علي أن أستعين بالله وأنطلق، وفضله سبحانه ينتظرني ورزقه يسبقني.
قال رجل للشافعي رحمه الله:
إن أردت أن تعيش في مصر، فلا بد لك من عشرين ألف دينار، ومجلس تتقرب فيه من السلطان!!
فقال له الشافعي:
يا هذا، لقد ولدت في غزة وربيت بالحجاز وما في بيتنا قوت ليلة...من لم تعزه التقوى فلا عز له.
ومرت الأيام حتى كان السلطان يتمنى مجالسة الشافعي.
على هذا ربوا أولادكم، وبهذا ذكروهم...
فهم والله أحوج لهذه المعاني التربوية... من حاجتهم لمجموع الثانوية.