تدريس القراءة والكتابة في الصف الأول
1) أهمية المرحلة الأولى في تعليم القراءة
نظرا لأهمية التمكّن من عملية القراءة والكتابة في المرحلة الابتدائية، ومن منطلق كونها تتبلور وتتطور خلال سنوات التعليم المدرسية، هناك دور حاسم لمرحلة التدريس الأولى في حياة الطالب في الصف الأول لما لها من تأثير على تحصيله في المستقبل.
وعليه، فقد أوصت وزارة المعارف والثقافة بتطبيق توصيات لجنة شبيرا بهذا الصدد ومن ثم إجراء متابعة فعّالة لتحصيلات الطلاب القرائية في المدارس (منشور المديرة العامة 1 تشرين الأول 2002).
يبدأ إعداد الطفل للقراءة قبل دخوله المدرسة , فالطفل قبل أن يبدأ الكلام يتخذ له صورا أولية للاتصال مع والديه ومع الآخرين من حوله، ومنذ هذه الفترة حتى يحين موعد دخوله المدرسة يكون إعداده للقراءة متعدد الجوانب.
ففي مرحلة ما قبل المدرسة تنمو لدى الطفل - تدريجيا - ذخيرة من المفردات للتفاهم والتحدث، ومع مرور الوقت يستطيع أن يفهم الجمل ويستخدمها استخداما صحيحا، ومع استمرار هذه العملية تتكون لدى الطفل مجموعة مختلفة من المفاهيم ، وإذا استطاع أن يكتسب عددا كبيرا من المفاهيم الواضحة وان يستخدم اللغة ويفهمها بدرجة مناسبة، عندها يكون لديه استعداد واضح لتعلم القراءة .
فالطفل الذي يترعرع في بيئة قرائية غنية وأجواء منزلية ومدرسية صفية، لا بد أن يكتسب ثروة لغوية غنية ذلك لأنه في مثل هذا الجو يستطيع هذا الطفل أن يتحدث مع والديه ومعلمته، الذين بدورهم يشجعونه على إشباع حب استطلاع وميوله.فللبيت والبيئة التي ينشا بها الطفل دور هام في تطوير تقدمه القرائي، ولكن المسؤولية الأساسية في متابعة تطوره القرائي تقع قبل كل شيء على عاتق المعلمة .
لذا يجب أن تقوم المعلمة بخلق الصلة المباشرة مع الأهل لتأسيس مكتبة بيتيه، أو توجيه الأهل لاقتناء الكتب المناسبة للأطفال، كما تستطيع المدرسة أيضا تنظيم ورشات عمل للأمهات وللآباء حول كيفية سرد القصة للأبناء في البيت، كذلك يمكن دعوة الأهل للمشاركة في فعاليات مختلفة تقوم بها المدرسة في مجال تنمية الوعي القرائي .
وبناء عليه , فقد أكد الباحثون وفي مقدمتهم الباحث الكندي المعروف كيث ستانوتيش أن للتنور القرائي علاقة مباشرة على مستقبل المتعلم تحصيليا , بحيث يمكن التنبؤ بتحصيل طلاب الصف الحادي عشر في فهم المقروء بالاعتماد على غنى ثروتهم اللغوية في رياض الأطفال .
ومن الواضح أن هناك فروقا واضحة بين الأطفال في الاستعداد للقراءة وفي التقدم في عملية اكتساب القراءة بين تلاميذ الصف الأول، وعند نهاية هذا الصف يكون الطفل العادي قد اكتسب ثروة لا باس بها من الكلمات، إضافة إلى انه قد كوّن اتجاهات مرغوبة نحو القراءة من خلال مهاراته التي اكتسبها في استخدام الكتب وقراءتها، بل ومن الممكن أن يجد استمتاعا في القراءة بنفسه دون مساعدة كتب أخرى غير الكتب الأساسية .
ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن التقدم في القراءة يمر في مراحل، وكل مرحلة من مراحل هذا التقدم تتطلب تنمية المهارات الضرورية اللازمة للنجاح في المرحلة التالية، وعندما يتم هذا الأمر دون أي توقف أو خلل فان الطفل يصبح تلقائيا قارئا ناضجا بدرجة معقولة .
2) طرائق تعليم القراءة للمبتدئين
توجد ثلاث طرائق رئيسية لتدريس القراءة للمبتدئين وهي:
2:1- الطريقة التركيبية (الجزئية)
ويندرج ضمنها : الطريقة الهجائية / الأبجدية والطريقة الصوتية.
وهذه الطريقة قديمة تنطلق من اسم الحرف أو صوته لتعليم القراءة، وسميت بالتركيبية لأنها تعتمد على تركيب الأجزاء للحصول على الكل .
2:2- الطريقة التحليلية (الكليّة)
ويندرج ضمنها : طريقة الكلمة وطريق الجملة أو النص.
وهي طريقة تسير في خطواتها على عكس الطريقة التركيبية , فتبدأ بالكل (الكلمة أو الجملة أو النص) وتنتقل بتحليل الكل أو تفكيكه لتصل إلى الجزء ( الحرف ).
2:3- الطريقة التّوليفية
ومن أسمائها الأخرى : التحليلية التركيبية، التوفيقية، المزدوجة، الانتقائية. وهي طريق تقوم على المزج او التوليف بين التركيبية والتحليلية وما يتفرع منهما.
ليست هنالك طريقة مثلى في تعليم القراءة والكتابة، ومهما اتبعت من طرائق فعلى المعلم/ة التعامل مع المكونات / المركبات التالية في تعليم القراءة. (البند3)
3) المكونات والمركبات في اكتساب القراءة.
المقومات الأساسية المذكورة أدناه، يجب أن تَظهر في المراحل الأولى لتعليم القراءة والكتابة للصف الأول، وهي على النحو التالي:
أ- الوعي الصوتي:
معرفة صوت الحرف، وتحليل كلمات مكونة من مقطع واحد ومن مقطعين إلى:
1- وحدات صوتية: صوامت منفردة مثل – فم = ف + م ، جبل = ج + ب + ل ، الخ ..
2- مقاطع قصيرة: (صامت + حركة مثل – فَم = فَ + م ، جَبَل = جَ + بَ + ل ، الخ ...
3- إيجاد - اكتشاف هذه الوحدات في كلمات: مثل إيجاد (جَ) في كلمة جَميل وإيجاد (بَ) في
كلمة بَدأ، الخ ...
4- تأليف كلمات جديدة من هذه الحروف: مثل – (ف + ج + ل = فجل)
ب- معرفة أسماء الحروف:
معرفة أسماء الحروف مهما كان موقعها في الكلمة ، مثل: معرفة اسم الحرف (د – دال) في مواقعه التالية: دار – جدار - ورد
ج - نطق الحروف مع الحركات
نطق جميع الحروف وجميع الحركات، والتعرف على النغمات الصوتية في جميع الصوامت التي تمثلها الحروف الهجائية في جميع مواقعها في الكلمة، كالتعرف على نغمة الحرف الأول في كلمة (دَرج) وبالتالي التوصل السريع للفظ التراكيب المكونة من كل حرف وحركة مثل: بَ – سِِ– فُ.
د- قراءة كلمات بدون معنى:
المقصود هنا التمكن من القراءة الميكانيكية وقراءة الحروف والتركيب مع الحركات قراءة سليمة، مثل: سَعِمَ – حَنص – عُشاش - الخ...
ه- قراءة كلمات ذات معنى:
· قراءة كلمات مطبوعة ومشكوله، وفهمها (كلمات من قاموس الطالب وعالمه). وكذلك
قراءة تعابير ومبان خاصة وفهمها مثل: أنا أقرأ جيدا – أنا أقرأ بصورة جيدة.
· إتقان تهجئة كلمات جديدة بواسطة تحويل الرموز المكتوبة (صوامت + حركات) إلى أصواتها، بحيث يقرأ الطالب الكلمات بصورة جيدة متدرجا في ذلك نحو قراءة كلمات كثيرة مختلفة الشكل والمعنى.
· طلاقة في قراءة الكلمات: المقصود في ذلك انتقال الطالب من قراءة التهجئة إلى قراءة طلقة مناسبة، يتقن الطالب من خلالها قراءة متواصلة للكلمة ثم لمجموعة كلمات في جملة مفيدة.
و- فهم المقروء:
· فهم نص جديد (سردي أو نظري) من عالم الطفل، سواء في مستوى تفسير الكلمات
والتعابير، أو في المستوى العام.
· معرفة معاني الكلمات والمفاهيم الواردة في النص، وفهم تعابير مكتوبة مثل: (فجأة – هيا – حالا – كان يا ما كان – الخ...)
· فهم العلاقة بين مكونات الجملة من كلمات وحروف مثل: (لعبت مع رامي بعد الظهر – مع من لعبت؟ - متى لعبت مع رامي؟ - من لعب بعد الظهر؟)
· فهم العلاقة بين الجمل:
- من الناحية الزمنية: قبل أن يحل رامي وظيفته قرأ درسه
- من حيث العلاقة بين الاسم والضمير: لعب رامي في ساحة
المدرسة، وعندما عاد إلى البيت تذكر أنه نسي كتابه.
- من حيث السبب والنتيجة: فرح سامي بالقصة التي أحضرها من
المكتبة، فقرر أن يقرأها اليوم، ولم يذهب للعب مع رامي. (كانت
القصة السبب في عدم ذهاب سامي للعب، والنتيجة عدم ذهاب سامي
للعب)
- استنتاجات أولية بسيطة للمعنى: فرح سامي بالقصة التي أحضرها
من المكتبة، فقرر أن يقرأها اليوم، ولم يذهب للعب مع رامي. (لم
يذهب سامي للعب لأنه قرر أن يقرأ القصة التي أحضرها من
المكتبة)
· التوصل للفكرة المركزية في الفقرة أو النص:
أن يعرف الطالب الحدث المركزي في الفقرة المقروءة أو النص المقروء معرفة تدل على فهمه لما قرأه فهما تاما.
ز- الإملاء:
· معرفة كتابة الحروف حسب مواقعها في الكلام (تتم معرفة الفرق بين الخط النسخ وخط الرقعة في مرحلة متأخرة بعد إتقان الطالب لكتابة جميع الحروف. ومن الضروري أن تعرف المعلمة أصول كتابة الحروف على اللوح).
· إتقان الربط بين صوت الحرف وشكله (الرمز الصوتي والرمز الشكلي / الرمز المسموع والرمز المرئي)، ومن الضرورة بمكان الاهتمام بالتمييز بين أشكال الحروف المتشابهة باللفظ مثل: (ت – ط ، س – ص ، ك – ق ، الخ ...) أو المتشابهة في كتابتها مثل: (ب - ت - ث ، ف - ق ، س - ش ، ع - غ - الخ ...)
· المحافظة على البعد بين الكلمات.
ح- التعبير الكتابي:
· كتابة نصوص قصيرة بشكل مستقل، مع المحافظة على قواعد الكتابة: مراعاة المسافة بين الكلمات والأسطر، والاهتمام بعلامات الترقيم المطلوبة في هذه المرحلة خاصة استعمال النقطة في آخر الجملة.
· تشجيع الطلاب على كتابة نصوص مكونة من جمل بسيطة مترابطة منطقيا، بحيث يتألف النص من: عنوان، بداية، صلب الموضوع، ونهاية.
· تشجيع الإكثار من الكتابة الطلقة المسترسلة لدى الطلاب.
4) التقويم والمتابعة:
الهدف من التقويم والمتابعة هو قياس مدى التمكن من مكونات التعلم المذكورة أعلاه، وذلك من أجل:
· مساعدة معلمي / ات الصفوف الأولى في متابعة تحصيل الطلاب خلال السنة الدراسية، وفي الاكتشاف المبكر للطلاب الضعفاء بناء على معايير مشتركة لكل الطلاب في مؤسسات التعليم الرسمي في البلاد. إن الاكتشاف المبكر لهؤلاء الطلاب يتيح الفرص من أجل التدخل لمساعدتهم في تحسين تحصيلهم.
· قياس تحصيل طلاب الصفوف الأولى في منتصف السنة الدراسية (قبل نهاية شهر نيسان من كل عام)، بواسطة امتحان قطري ينفذه ويقيّمه معلمو / ات الصفوف الأولى، ليكون بمثابة المرجع الذي تُبنى على أساسه خطة العمل المدرسية.
إجراء امتحانات قطرية لصفوف الثواني في نهاية الفصل الأول
· أما وظيفة المعلمة في هذا المضمار فإنها تكمن في الأمور الهامة التالية:
- توفير بيئة غنية بالكتب والمجلات والأشرطة المسموعة والمرئية والحواسيب، كوسائل لتنفيذ
فعاليات مرافقة لتدريس القراءة والكتابة في الصف الأول.
- توفير مصادر قرائية بمستويات مختلفة.
- إجراء تشخيص فردي مبكر للطلاب مع وضع خطة عمل ملائمة من أجل المتابعة.
- الاهتمام بالفروق الفردية بين الطلاب.
- متابعة تقدّم الطلاب ، عن طريق سجلّ خاص (بورتفوليو) يبيّن مدى تقدمهم من بداية السنة
الدراسية حتى نهايتها، على أن تقدّم المعلمة تقريراً لمدير المدرسة حول تقدّم الطلاب مع نهاية كل
فصل.
- إخبار الأهل بمدى تقدّم الطلاب خطياً ثلاث مرات في السنة.
- يقوم مدير المدرسة بالتعاون مع لجنة التوجيه المدرسية بمتابعة الطلاب مع الأخذ بعين الاعتبار
الفروق الفردية بينهم.
- يجب أن تؤدي خطة المعلم/ة في نهاية المطاف إلى التحصيلات المطلوبة وفقا لمنهاج تدريس اللغة
العربية.
مراجع أساسية في الموضوع
1. احمد , عبد الله احمد . ومحمد , فهيم مصطفى . الطفل ومشكلات القراءة . القاهرة : الدار المصرية اللبنانية , 1994 .
2. حبيب الله , محمد . وخطيب , نمر . وفرنسيس , فهيم . المرشد لكتاب الرائد للصف الأول , نظرة جديدة في تعليم القراءة للمبتدئين . القدس : وزارة المعارف , 1991 .
3. خاطر , محمود رشدي وآخرون . طرق تدريس العربية والتربية الدينية في ضوء الاتجاهات التربوية الحديثة . القاهرة , 1989 .
4. دكور , علي احمد . تدريس فنون اللغة العربية . القاهرة : دار الفكر العربي، 2002 .
5. الركابي , جودت . طرق تدريس اللغة العربية . دمشق : دار الفكر , 1981 .
6. شحاتة , حسن . تعليم اللغة العربية بين النظرية والتطبيق . القاهرة : الدار المصرية اللبنانية ,1992.
7. طعيمة , رشدي احمد . الأسس العامة لمناهج تعليم اللغة العربية: إعدادها , تطويرها , تقويمها . القاهرة : دار الفكر العربي , 1998 .
8. طعيمة , رشدي احمد . ومناع , محمد السيد . تدريس العربية في التعليم العام : نظريات وتجارب . القاهرة : دار الفكر العربي , 2001 .
9. طعيمة , رشدي احمد . مناهج تدريس اللغة العربية بالتعليم الأساسي . القاهرة : دار الفكر العربي , 1998.
10. الفيصل , سمر روحي . وجمل , جهاد . مهارات الاتصال في اللغة العربية . الإمارات العربية المتحدة : دار الكتاب الجامعي , 2004 .
11. محمد , فايزة السيد . الاتجاهات الحديثة في تعليم القراءة وتنمية ميولها . القاهرة : ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع , 2003 .
12. مصطفى , عبد الله علي . مهارات اللغة العربية . عمان : آرام للدراسات والنشر والتوزيع , 1994.
13. مصطفى , فهيم . القراءة: مهاراتها ومشكلاتها في المدرسة الابتدائية . القاهرة : مكتبة الدار العربية للكتاب , 1995.
14. معروف , نايف . خصائص العربية وطرائق تدريسها . بيروت : دار النفائس , 1985 .
15. منشور المديرة العامة 1 تشرين الأول 2002. وزارة المعارف والثقافة والرياضة.
16. الهاشمي , عابد توفيق . الموجه العلمي لمدرسي اللغة العربية . بيروت : مؤسسة
mohamedelshafieالجمعة 13 سبتمبر 2013, 8:31 pm